يبحث الدكتور الأردني معن القطامين، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة آفاق المعرفة للاستشارات والتدريب، التي تتخذ من إمارة دبي مقرا لها، عن آفاق جديدة لطموحه الذي وصفه بالـلامتناهي. الأفق الجديد الذي يتحدث عنه القطامين يتمثل في الإنترنت، حيث يتجه إلى تقديم دروس تدريبية في فنون القيادة والإدارة والتعامل مع العملاء إلى المؤسسات الخاصة والعامة، دون الحاجة إلى إرسال موظفيها للتدرب في المعاهد، يقول القطامين الإنترنت هو مستقبل التعليم.
في حال ما اختارت الشركة الخوض في تجربة القطامين الإنترنتية، فما سيكون عليها إلا منح موظفيها ساعتين أو ثلاث في الأسبوع، دون أن يضطر إلى التوقف عن عمله، وسيقوم القطامين بدوره بمنح الشركة مقابل 150 دولارا نظير حزمة تحتوي على 24 درسا تدريبيا تمتد على 360 ساعة تدريب. وإذا كانت الشركة من هواة المقارنة، فهذه القيمة لا تتعدى يوما تدريبيا واحدا، دون احتساب تكلفة الانتقال إلى المعـهد والغياب عن العمل.
وحققت الشركة في سنتها المالية 2010/2011، إيرادات إجمالية فاقت الـ3.8 مليون درهم إماراتي مليون دولار، مع إجمالي أصول بلغ 37.3 مليون درهم 10.2 مليون دولار، إلا أن اللافت في الموضوع أن ديون الشركة قدرت بـصفر، حيث لا تعاني الشركة أية ضغوطات مالية، وهو ما يوضح قوة إدارة القطامين، الذي يملك %70 من أسهم الشركة، بينما تعود %25 لمجموعة الفهيم الإماراتية، والـ%5 الباقية لمساهمين غير معلنين، خلال الأزمة وكفاءة الشركة المالية، يقول القطامين: مجال التدريب سوق جديد، ودرجة النمو فيه عالية جدا مشيرا إلى أن شركة عالمية لم يرد ذكر اسمها قد قيمت الشركة مؤخرا بـ110.4 مليون درهم 30 مليون دولار.
محمد توفيق، مدير تسويق بشركة الفرسان لتأجير المعدات، حاصل على شهادة بكالوريوس في إدارة الأعمال، وقد ارتقى إلى منصبه هذا حديثا، يقول: الإدارة تحتاج إلى مؤهلات، لا تستطيع امتلاكها بالخبرة، فبالنسبة إليه الخبرة لا تساعدك على تطبيق بعض الطرق الإدارية بالشكل المطلوب. توفيق أعجب بطرح القطامين، خصوصا وهو لا يستطيع التغيب عن عمله عملي يحتاج مني كامل وقتي الذي هو رهن العملاء ولذلك يتطلع إلى تجربة الإنترنت علها تمده بالمطلوب دون الأخذ من وقته الثمين.

في هذا الصدد هناك كتاب جميل لديفيد أوسبورن، بعنوان تدريب الموظفين لرفع كفاءة الأداء حيث قال لم يعد دور الشركات قاصرا على إنتاج السلع وتقديم الخدمات. بل صار لزاما عليها أن توالي تنمية القوى العاملة وبناء العقول وتطوير الخبرات الإدارية الضرورية للمنافسة والتميز في زمن العولمة والأسواق المفتوحة والإنترنت. هكذا لا يوجد مفر من التدريب. فالحقيقة أنه في الفترة الحالية التي يعاني فيها العالم أزمة مالية حقيقية، يعتبر تدريب الموظفين من القطاعات المهمة التي يجب على قسم الموارد البشرية في كل مؤسسة التفكير فيها مليا، فبدل أن تتخلى عن موظف لا يملك مهارات، وتجلب موظفا آخر ذا خبرة أكبر مع راتب أعلى، على الشركات أن تفكر في تزويد موظفيها بالمهارات الأساسية عن طريق التدريب. وهذا بالضبط ما يحاول القطامين إيصاله لصناع القرار في عالمنا العربي، لكنه يستعمل الإنترنت بدل المعاهد أو ما يسمى بالتعليم الإلكتروني E-Learning يقول: للأسف شركات كثيرة في المنطقة لا تعتمد التدريب، وهذا خطأ مضيفا ربما يكون السبب في التوعية أو في التكلفة، أو حتى في الأسلوب التي تنتهجه شركات التدريب.
هذا الأسلوب الذي تمارسه شركات التدريب، هو السبب في عزوف كبريات الشركات العربية عن هكذا خطوة. أما القطامين فذهب بعيدا بأفكاره، حيث آمن أن التعليم المرئي، أصبح ضرورة في كل القطاعات التربوية، المرئي أفضل من السمعي، والسمعي أفضل من المقروء يقول القطامين. ولذلك قام بإنتاج وإخراج أفلام تدريبية درامية تهدف إلى تعليم الموظفين المهارات الأساسية بنمط يغلب عليه الكوميدي، يقول القطامين لقد قمت شخصيا بإنتاج وإخراج 250 فيلما حتى الآن، حتى إني مثلت في الكثير منها مضيفا لما عرضت هذه الأفلام على المتدربين، لمست تجاوبا هائلا، لقد أحدث فارقا كبيرا. هذه المكتبة الدرامية المعرفية التي تتحدث اللغتين العربية والإنجليزية، بالإضافة إلى تصويره 1300 مقطع فيديو لخبراء ومحللين أجانب مع ترجمة عربية، تعتبر الأكبر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
بعد تحقيقها هذه الأرقام يطمح الدكتور، إلى توسيع دائرة نشر شركته، التي تمتلك فروعا في القاهرة وعمان ومسقط والهند، للمعرفة عن طريق أسلوب تسويق جديد. حيث ستقوم بتنزيل مكتبتها الضخمة على أقراص مدمجة سي دي. ستطرحها في الأسواق خلال الشهر الجاري، وقد قدر القطامين سعر الـسي دي الواحد ما بين 120 إلى 150 دولارا كحد أقصى. حيث سيتم توزيع القرص الجديد الذي يضم حزمة للمدير وحزمة للموظف العادي بكل اختصاصاته، في كل بلدان العالم العربي.
وكما للإنترنت فوائده الكثيرة، لديه أيضا سلبيات، وربما علينا الانتباه هنا للقرصنة التي قد تكون أكبر عدو للمنتج الجديد، إلا أن القطامين يرى أن هذا الأمر لا يقتصر عليه حتى الشركات العملاقة كـمايكروسوفت تعاني منه، مشيرا إلى أنه اعتمد على تكنولوجيا حديثة ضد القرصنة نأمل أن تؤتي أكلها.

طموح الدكتور الذي يهوى الكتابة والشعر ستجدون الكثير من فيديوهاته على موقع الـيوتيوب وهو يلقي قصائده الشاعرية، لا يقتصر فقط على الإقليمية، بل يشمل أيضا العالمية، حيث ستقوم شركته أيضا بطرح حزم تدريبية أخرى أون لاين بالإنجليزية، تستهدف من خلالها العالم أجمع، حيث سيتم توزيعه من خلال شركة أمازون الأمريكية، نسبة نجاح هذا المنتج كبيرة جدا يقول القطامين، حيث قام بتجربته على 1000 طالب ماجستير هندي، يقول القطامين بفخر لقد حققت نتائج ممتازة، ليتوجه بعدها نحو العدد نفسه من الطلاب في جامعتين بالأردن، وأخريين في بريطانيا، وكانت النتائج أيضا مبهرة.
نغمة الفخر تطغى قليلا على حديث القطامين فهو يقول: لقد تخطينا مرحلة نقل المعرفة إلى مرحلة صنع المعرفة، ليعود بذاكرته إلى العام 1998، حين كان يدرس في بريطانيا التي حصل فيها على شهادتي الماجستير ودكتوراه في الاستثمار، بعد ذلك قرر العودة إلى وطنه الأم الأردن، إلا أن عرض عمل في جامعة دبي غير مساره. ليقرر الاستقرار بالإمارة، حيث بدأ أستاذا ثم عميدا للدراسات العليا والتدريب، ثم نائبا لرئيس الجامعة، وذلك فقط في 3 سنوات، هذه السرعة في الانتقال من منصب إلى منصب آخر أزعجت الكثيرين يقول القطامين، الذي قرر في العام 2001 أن يترك الجامعة ويؤسس شركته آفاق المعرفة وتحديدا في شهر أبريل/ نيسان. حيث بلغت تكلفة التأسيس 250 ألف درهم تقريبا 68 ألف دولار. وجد القطامين الحرية في الإبداع التي لم يجدها في جامعة دبي، حيث اتبع نهجا مغايرا للأسلوب التقليدي في التدريب والتعليم، الذي يعتمد على إيصال المعلومة بطريقة واحدة لعدد كبير من الأشخاص قد يختلفون في وجهات النظر نحن ندرب كل شخص بالأسلوب الذي يفيده أكثر يقول القطامين، الذي اعترف أن المنافسة تقتصر على الشركات العالمية لكنه انتقدها قائلا مناهجها التدريبية لا تتوافق مع البيئة الاجتماعية لبلداننا العربية وقيمنا الأخلاقية، خصوصا في ما يخص علاقات الموظفين مع بعضهم. القطامين الذي أدار شركته بنجاح منذ تأسيسها حتى اليوم، وحولها من شركة صغيرة بتكلفة 250 ألف درهم إلى شركة عالمية ورائدة في مجال عملها، يصف نفسه بـالمدير السيئ رغم أنه يدرب الأشخاص ليكونوا مديرين جيدين قائلا: ليس بالضرورة أن يصبح لاعب كرة القدم الجيد مدربا جيدا، كما يعترف أن العمل أفقده الكثير من الوقت الذي كان من المفروض قضاؤه مع أبنائه الثلاثة، أما زوجته فدى فهي دائما معه حيث تشغل منصب نائب الرئيس في الشركة.
طموح القطامين أن يصبح يوما مثل ستيف جوبز، أسطورة عالم التكنولوجيا أنا وهو نمتلك قواسم مشتركة، فكلانا لديه الرغبة في تغيير شيء ما.الأيام وحدها ستعرف ما إذا كان القطامين قادرا على أن يجعل آفاق المعرفة تحقق ما حققته آبل.